في فصل الربيع من كل عام، تحدث ضجة عندما تكشف مؤسسة الضمان الاجتماعي الفنلندية (المعروفة باختصار اسمها الفنلندي “كيلا”) عن أحدث حزمة أمومة لديها.
وبالطبع، ينتظر الناس إعلان البنود والألوان والتصميمات الجديدة بشغف بالغ، حيث تساعد حزمة الأمومة – قبل كل شيء – في تحديد ما سيرتديه عشرات الآلاف من الرضع في جميع أنحاء فنلندا.
وقد أتى لوقا وإيتشو، وهما صبيان كانا يبلغان – عند كتابة هذا المقال – خمسة أشهر من العمر ليعرضا بعض تلك الملابس الجديدة في المؤتمر الصحفي. ولم يزعجهما اهتمام الحاضرين.
القيمة التعليمية والطبية والمادية
فيديو: مؤسسة الضمان الاجتماعي الفنلندية (كيلا)
بالرغم مما ذكرناه، تقدم حزمة الأمومة أشياء أكثر بكثير من الملابس. فلكل أم فنلندية الحق في الحصول على صندوق الملابس الخاص بالطفل، والأدوات والكماليات التي تساعدها في العناية بطفلها، كي يتمتع كل طفل بنشأة جيدة، ولمساعدة الوالدين كذلك في القيام بدورهما الجديد. ظهر هذا النظام لأول مرة عام 1938، عندما قدمت الحكومة منحة الأمومة في صورة مبلغ من المال، بهدف المساعدة في تقليل نسبة وفيات الأطفال الرضع ومعالجة انخفاض عدد المواليد.
ثم، كما هو الحال في يومنا هذا، كان يتعين على الأمهات أن يترددن على عيادة متابعة ما قبل الولادة ليتأهلن لاستلام تلك المنحة، وتظل قيمة تلك الزيارات الطبية والتعليمية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمفهوم حزمة الأمومة. وهكذا أصبح لدى فنلندا أقل نسبة وفيات في الأطفال والأمهات عالميًا.
وبإمكان الأم حاليًا أن تختار بين حزمة الأمومة ومبلغ نقدي يقدر بـ 140 يورو. وتحصل تقريبًا 60.000 أسرة سنويًا على الحزمة أو المبلغ المالي. هذا، وتفضل 95% من الأمهات عند وضع طفلهن الأول الحصول على حزمة الأمومة، أما الأمهات اللواتي لديهن أطفال بالفعل، فتفضل ثلثهن الحصول على المبلغ المالي عند وضع طفل آخر.
فكرة مفيدة للغاية
تقوم مؤسسة كيلا بتعديل وتحديث حزمة الأمومة سنويًا اعتمادًا على التقييمات التي يقدمها الآباء وطبقًا للاتجاهات المتغيرة. وبالنسبة إلى حزمة الأمومة لعام 2018، تضم الإضافة الجديدة سروالاً مصنوعًا من الصوف وحذاء أبيض وأزرق اللون. وقد جاء الحذاء مزينًا بالرقم “80” احتفالاً بمرور 80 عامًا على إطلاق حزمة الأمومة لأول مرة.
وتتضمن المكونات الأساسية للحزمة سترة الثلج وقفازات لليد والرسغ وعددًا من القبعات وبطانية يمكن إقفالها لتصبح بمثابة حقيبة للنوم. ويظهر اختيار الملابس الشتوية التي يحويها الصندوق اعتياد الفنلنديين على قضاء وقتهم في الأماكن المفتوحة وفي الهواء الطلق منذ نعومة أظفارهم بغض النظر عن درجة الحرارة.
هذا، وتتغير ألوان وأنماط المنسوجات، وحتى الرسوم التي تغطي الصندوق، من عام إلى آخر، بيد أنها مصممة بحيث تناسب الجنسين. وهكذا تحصل كل أسرة على نفس التشكيلة. تتميز حقيبة النوم لعام 2018 بالرسوم الانطباعية الجديدة ممثلة في رسم للخراف على خلفية خضراء وزرقاء، أما حقيبة النوم لعام 2017 فقد كان مرسومًا عليها أشكال البومة بالألوان الأزرق والوردي والأصفر على خلفية رمادية. وفي عام 2016، غطت رسوم للدب والتوت وأشجار الصنوبر باللونين الأزرق والأخضر حقيبة النوم.
وبالإضافة إلى مجموعة الملابس المتنوعة، التي ليست جميعها مخصصة لفصل الشتاء، تحتوي حزمة الأمومة على أشياء أخرى مفيدة مثل مقص الأظافر، وأول فرشاة أسنان للطفل، وفرشاة للشعر، وترمومتر لقياس الحرارة. وتغطي قاعدة الصندوق من الداخل مرتبة خفيفة، مما يجعل الصندوق نفسه يصلح كسرير آمن ونظيف للمولود.
وقد زاد التأكيد على الاستدامة البيئية مع مرور الوقت، ويرجع الفضل في ذلك بصورة كبيرة لتعليقات العملاء. فعلى سبيل المثال، توقفت مؤسسة كيلا منذ عام 2009 عن وضع الحفاظات التي تستخدم مرة واحدة، وذلك لأنها تستغرق مئات السنين في التحلل وتحتوي على مواد كيماوية ضارة.
تعزيز المعرفة
تستقبل مؤسسة كيلا كثيرًا من الاستفسارات من الدول التي تفكر في تقديم برامج مشابهة. فها هي إسكتلندا والأرجنتين وولاية نيو جيرسي الأمريكية تجرب حزمة الأمومة الخاصة بها. وتوفر مؤسسة كيلا معلومات أساسية تتعلق ببرنامجها، بيد أنها لا تقدم توصيات محددة بشأن محتويات الصناديق، إذ إن المناخ المحلي والعوامل الثقافية تؤثر في اختيار الأشياء التي تحتوي عليها.
هذا، وتضع الحكومات الأخرى التي تقدم حزمة الأمومة نصب عينيها أولويات شبيهة بأولويات البرنامج الفنلندي. ويتمثل الهدف الرئيسي من تقديم حزمة الأمومة في تحقيق المساواة لجميع الأطفال في بداية حياتهم، ومن ثم يتم تصميم الحزمة مع مراعاة احتياجاتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، يحصل الوالدان اللذان يتوقعان ولادة طفلهما على حافز مالي، كما يحصلان على دعم معرفي كبير من خلال التواصل المبكر مع المتخصصين في الرعاية الصحية في الوقت الذي يتعين عليهما فيه تعلم أشياء كثيرة. فعندما تتأمل الفكرة كاملة، تجدها ميزة يتمتع بها المجتمع بأكمله.
بقلم بولينا بينانن والعاملين في ThisisFINLAND، مارس 2018