يقضي الناس في يومنا هذا معظم وقتهم في الأماكن المغلقة، حيث يحتوي الهواء على ملوثات غير طبيعية مثل الهيدروكربونات والمذيبات وغيرها من المواد الكيماوية بالإضافة إلى الأتربة المتراكمة.
يقول أكي سودونسآري، المدير التنفيذي وأحد مؤسسي شركة Naava: “أنا أصلاً من منطقة لابلاند بفنلندا، حيث أنقى هواء في أوروبا كلها، وعندما كنت أعمل كمعلم للتربية البدنية والعلوم الصحية، لاحظت أن صحتي وتنفسي يتحسنان عندما أعمل في الهواء الطلق”. وتنتج شركة Naava ، التي يوجد مقرها في مدينة جيفاسكيلا، في وسط فنلندا، حوائط خضراء ذكية تحمل أسماء مثل Naava Twin وNaava Designer. “لقد أدركنا أننا بحاجة إلى إيجاد طرق لتكوين بيئات صحية في الأماكن المغلقة من خلال إدخال هواء الغابات الصحي إلى تلك الأماكن”.
هذا، وتتكون حوائط Naava الخضراء الذكية من عشرات من أصص النباتات الصغيرة المليئة بالتربة والمثبتة على حائط متحرك مزود بخزان مياه في قاعدته. تنتج الشركات الأخرى حوائط خضراء ذات نباتات، غير أن الحوائط التي تنتجها شركة Naava مزودة بميزات تعمل على رفع قدرة نباتات الغابات على تنقية الهواء، بما في ذلك مراوح الهواء الأوتوماتيكية والإنارة بالصمامات المضيئة وأنظمة المياه – كلها قابلة للتعديل عن بُعد من خلال أجهزة محمولة مرتبطة بها. وقد حصل هذا المنتج على جائزة فينيا للتصميم في عام 2017.
العودة إلى الجذور
يقول سودونسآري “يكمن السر في الطريقة التي تجلب بها الحوائط الخاصة بنا الهواء الرطب إلى جذور النباتات الغنية بميكروبات طبيعية تعمل على تنقية الهواء”. وقد أثبتت الدراسات أن أكثر من نصف المواد الكيماوية الضارة في الهواء يتم امتصاصها كلما مرت بالحائط الذكي. وبالطبع تحصل النباتات على كافة المواد الغذائية التي تحتاج إليها، من الهواء والماء، وتقوم بطبيعة الحال بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين ، بينما تقوم بكل سرور بتنقية البيئة في الأماكن المغلقة.
ويضيف سودونسآري قائلاً “كل هذا يجعل حوائطنا الخضراء تعمل بكفاءة وظيفية عالية، بالإضافة إلى تميزها بطابعها الجمالي الرائع”. بالإضافة إلى أن موظفي خدمة العملاء لدينا يقومون بفحص الحوائط مرة كل شهر لدى عملائنا لتهذيب النباتات، وإضافة المواد الغذائية إلى الماء. فكل ما يتعين على عملائنا فعله هو أن يتنفسوا الهواء النقي.
وقد أقر مستخدمو الحوائط الخضراء في استطلاعات الرأي المستقلة أن الحوائط الخضراء الذكية عملت على تقليص مشكلات الهواء في الأماكن المغلقة، مثل جفاف الهواء والشعور بالاختناق والأعراض المتعلقة بها كالسعال”.
العيش في واحة في وسط مدينة هلسنكي
تدير تينا فيتوما صيدلية تقدم مجموعة كبيرة من العلاجات، والأدوية والمنتجات الصحية في منطقة هاكانيمي المزدحمة في مدينة هلسنكي. وقد أدركت أن الحوائط الخضراء ستصبح إضافة مثالية لبار التعافي الصغير المخصص للاسترخاء في صيدليتها، حيث يسترخي عملاء الصيدلية ليقرؤوا النشرات الصحية بينما يستمتعون بتناول الكعك أو احتساء كوب من قهوة بالزبدة العضوية.
كما تقول: “يُعد بار التعافي الخاص بنا جزءًا من أسلوبنا الشامل للعناية بصحة عملائنا العقلية والبدنية ورفاهيتهم. ومنذ قمنا بتركيب اثنين من الحوائط الخضراء، لاحظنا أن الهواء يبدو أكثر نقاءً وغير جاف وأن نسبة الغبار تقل. وكأننا قد أحضرنا طقس الغابة داخل الصيدلية ليكون لدينا مكان رائع يجلس فيه عملاؤنا للاستراحة والاسترخاء، وبخاصة في فصل الشتاء!”
وبعد عمل تلك الواحة الشهيرة، اشترت فيتوما اثنين آخرين من الحوائط الخضراء الذكية لحجرة نومها ولحجرة المعيشة الخاصة بها. وتقول “قد أفادتني تلك الحوائط كثيرًا، إذ أعاني من حساسية بسبب الغبار ومن انسداد الأنف ومشكلات العينين”.
الحوائط الخضراء تنتشر عالميًّا
ثمة حوالي 1200 حائط ذكي تنتج هواءً نقيًا في المنازل وأماكن العمل حول فنلندا. في شهر أبريل 2017، فتحتNaava مصنعًا جديدًا في نيو جيرسي يستهدف الأسواق الأمريكية. يقول سودونسآري “هناك توجهات عالمية واضحة نحو التصميمات التي تستخدم المواد الطبيعية والمباني التي تحسن من الأوضاع الصحية لدى البشر”. وأضاف “نحن نتخيل الأسواق التي قد ترحب بالحوائط الخضراء الذكية في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ثم في الأسواق الآسيوية كالصين.
“وبطريقة ما، فإننا نستجيب للاتجاه العالمي المضاد لملايين السنين من التطور البشري، الذي سعى نحو التحضر وتزايد الاغتراب عن الطبيعة. تتمثل مهمتنا في إعادة بناء الصلة بين البشر والطبيعة، من خلال تصدير ما تتمتع به فنلندا من هواء نقي إلى الخارج كحق طبيعي لكل إنسان”.
بقلم فران ويفر، مايو 2017