تطبيقات تعليمية فنلندية: ليست مجرد لعبة

تجتمع الخبرة الفنلندية في مجال التكنولوجيا والألعاب مع التميز الفنلنديّ في مجال التعليم لتحقيق النجاح.

كما تجتمع الخبرة الفنلندية والولع بألعاب الهاتف النقال مع التفوق في التعليم لتحقيق النجاح أيضًا. ولدينا أمثلة للألعاب مثل بكسل المهارات “SkillPixels” والعشرة قرود “10monkeys”، والألعاب التي تختلف عن هذه وتلك أمثال الطيور الغاضبة “Angry Birds”.

كما يُعد برنامج “سياحة بيزا” التعليمي أحد معالم الجذب في فنلندا، غير أنه ليس ثمة علاقة بينه وبين أبراج إيطاليا المائلة. فقد جذبت النتائج المبهرة التي حققتها فنلندا في برنامج التقييم الدولي للطلاب (PISA)، منذ بدأ تنفيذه عام 2000، الزوار من صانعي السياسات وخبراء التعليم من جميع أنحاء العالم، الذين أتوا ليكتشفوا أسرار نجاح فنلندا في مجال التعليم.

وفي نفس الوقت، أصبحت فنلندا القاعدة التي تنطلق منها ألعاب الحاسوب والهاتف النقال، والتي تحتل مركز الصدارة بينها لعبة الطيور الغاضبة “Angry Birds” الشهيرة التي أطلقتها شركة روفيو، هذا بجانب لعبة صدام العشائر “Clash of Clans” من إنتاج شركة سوبرسل.

ومن ثم، تجتمع حاليًّا الخبرة التربوية والخبرة الخاصة بتصميم الألعاب في سلعة يمكن تصديرها، تستثمر التكنولوجيا والمهارات التربوية بطرق شتى، لتجعل عملية التعلم مسلية، وبخاصة بالنسبة إلى الأطفال الصغار. هذا، وتحصل العديد من المشروعات على دعم من برنامج التعلم في المستقبل الفنلندي، والذي تدعمه منظمة الاستثمار والتجارة الوطنية “فينبرو”. بالإضافة إلى ذلك، تحظى تلك الباقات الجديدة بطلب متزايد وعقود شراء على مستوى العالم.

مجموعات التعليم التنافسي

3216-photo-2-12-2013-7-20-550px-jpg

في الرياضيات للطفل الذكي في لعبة بكسل المهارات ” SkillPixels”، توجه البومة أسئلة، ويساعد اللاعبون الفئران في اختيار الإجابة الصحيحة. (انقر لترَى صورة غير مقتطعة)لقطة لشاشة الآيباد

ويقول هاري كتامو، مصمم لعبة بكسل المهارات “SkillPixels”، الذي فازت المكونات الرياضية لفكرته (والتي يُطلق عليها حاليًا اسم “الرياضيات للطفل الذكي”) بلقب أفضل لعبة تعليمية رقمية لعام 2013 من المركز الفنلندي للتعليم الإلكتروني: “أظن أنه حين تجتمع التقاليد الفنلندية الخاصة بالتعليم وبتصميم اللعب، ستكون النتيجة واحدة من الباقات التنافسية التي تفوق الخيال.”

كما يضيف كتامو قائلاً: “عندما كنت أعمل معلمًا في أواخر التسعينيات من القرن العشرين، أدركت أنه عندما يُعَلِّم أحد الأطفال طفلاً آخر فإن الاثنين يتعلمان. غير أن العيب الوحيد في ذلك الأمر يكمن في أن الأطفال قد ينقلون معلومات خطأ لبعضهم البعض. لذا، فعندما يُعَلِّمون شخصيات لعبتهم الافتراضية، فإنهم هم أيضًا يتعلمون.

“وبالطبع إذا نقلت لشخصيات اللعبة أي معلومات خطأ، فلن يضيرهم شيء. كما يمكن، في الواقع، استخدام تلك الحالات كبيانات في تحليلات التعلم التفصيلية”.

وقد أثبتت الدراسة التي أجريت على لعبة بكسل المهارات “SkillPixels” تحسنًا في التعلم بنسبة أعلى من 50% في موضوعات معينة، كنتيجة للعب لمدة ساعتين فحسب. ويعلق كتامو قائلاً: “نحن بالطبع شغوفون ومهتمون بالأبعاد التحفيزية التي تكمن وراء اللعب التعليمية”.

هذا، ويعتمد منهج لعبة بكسل المهارات “SkillPixels” على النظريات العلمية الخاصة بالتعلم المفاهيميّ، ويمكن تطبيقها على أي مادة دراسية: “فبالإضافة إلى “الرياضيات للطفل الذكيّ”، لدينا نماذج مشابهة في الفيزياء والكيمياء والجغرافيا والأحياء واللغات”.

الاستخدام الأمثل للتقنية العالية

3216-photo-2-12-2013-7-01-49-550px-jpg

في تطبيق العشرة قرود “10monkeys” هذا، يساعد اللاعب القرود عن طريق حل مجموعة من مسائل الضرب.لقطة لشاشة الآيباد

تُعد الرياضيات إحدى الخيارات المتوفرة في لعبة العشرة قرود “10monkeys”. وقد صدرت مؤخرًا نسخة باللغة الأسبانية من أداة التعلم على الإنترنت الخاصة بتلك اللعبة. تقول كاتري بيأوركلاند، المدير العام، “ترى ليسين هاجبلوم، إحدى أعضاء فريق العمل لدينا -والحاصلة على درجة الدكتوراه في كيفية تدريس الرياضيات، وقد ظلت تؤلف كتبًا مدرسية للأطفال في علم الرياضيات لمدة 20 عامًا – أن التكنولوجيا الحديثة لم تُستثمَر بعدُ بالقدر الكافي في المدارس الابتدائية.

وقد ألهمنا ذلك الرأي تصميم أداة مسلية وسهلة الاستخدام لتدريس وتعلم الرياضيات، يسهل على المعلمين استخدامها بجانب الأدوات الأخرى المتاحة لديهم”.

هذا، وتضيف بيأوركلاند قائلة: “يتم تصميم وتطوير منتجات لعبة العشرة قرود “10monkeys” بالاستعانة بالمعلمين والطلاب، حتى نستطيع تلبية احتياجاتهم بصورة فعالة، حيث بدأنا بالتركيز على الموضوعات الرئيسية في علم الحساب مثل الجمع والطرح والضرب والقسمة. وسنضيف موضوعات جديدة في المستقبل”.

ومثلها في ذلك مثل لعبة بكسل المهارات “SkillPixels”، تتبع لعبة العشرة قرود “10monkeys” أسلوبًا منهجيًّا مبنيًّا على المعرفة والاطلاع، في تصميم وتطوير منتجاتها، إذ تنشد ما هو أبعد من تقديم حيل وألعاب تتطلب مهارات السرعة. وتقول بيأوركلاند في هذا الصدد: “نحن نعمل من البداية مع أفضل الجامعات للبحث في سهولة استخدام لعبة العشرة قرود “10monkeys” وفعاليتها.

ويكمن أهم أثر لها في التحفيز والمساندة المتزايدَين اللذَين توفرهما اللعبة في حالة التعلم الفرديّ، حيث تُعدّ لعبة العشرة قرود “10monkeys” أداة تعلم شخصية للطلاب الصغار. وتوفر هذه اللعبة للأطفال فرصة التعلم بالسرعة التي تناسبهم وتحفزهم إذ تمنحهم النجوم والأوسمة”.

التعليم ينبغي أن يكون مسليا

3216-photo-2-12-2013-6-52-550px-jpg

خرجت شركة روفيو من التصميم المشهور لتطبيق الطيور الغاضبة ” “Angry Birds إلى مفهوم تربويّ يمتد إلى بيئة الروضة المادية.لقطة لشاشة الآيباد

أما اللعبة الأولى التي اجتذبت الأنظار أولاً من خارج فنلندا، فهي لعبة الطيور الغاضبة “AngryBirds”، والتي أطلقت أيضًا في خريف عام 2013 لعبة أسمتها “ملعب الطيور الغاضبة” في الصين، وهي مصممة لأطفال الروضة وتقوم على أساس التعلم المسلي الممزوج بالخبرة التربوية الفنلندية.

وتقول سانا لوكاندر، نائب مدير شركة روفيو لمنتجات الترفيه “العش” الفنلندي الذي أفرخ الطيور الغاضبة، “عندما لاحظنا شغف الناس بلعبة الطيور الغاضبة وبشخصياتها وتأثيرها عليهم، فكّر فريق العمل لدينا في كيفية الاستفادة من ذلك التحفيز في تعزيز خبرات التعلم الممتع والمسلي”.

فجاءت النتيجة مبهرة، تتمثل في برنامج تعليمي من وحي تطبيق الطيور الغاضبة “AngryBirds”، وليس تطبيقًا مصممًا من البداية بهدف التعليم. ويزيد ذلك من سحر اللعبة حتى يتسنى تعليم الأطفال في سياقات وأماكن أخرى.

كما تضيف قائلة: “تتكون فكرة اللعبة من عدة مراحل تشمل تدريب المعلمين، وجوًّا مثيرًا، ومنتجات للتعلم قوامها اللعب والتسلية والمرح”. وتعمل شركة روفيو مع شبكة سيسرو للتعلم بجامعة هلسنكي كشريك في الأبحاث وكذلك مع قسم تدريس المعلمين الذي يعمل معنا في تدريب المعلمين. ويحظى البرنامج بشغف واهتمام كثيرين من مختلف أنحاء العالم.”

بقلم تيم بيرد، ديسمبر 2013