ثماني سنوات متتالية: فنلندا تحتفظ بالمركز الأول في تقرير السعادة العالمي – وتأتي دول الشمال الأوروبي الأخرى في أعلى 7 مراكز

يسرنا أن نرى أن فنلندا أسعد دولة على هذا الكوكب منذ عام 2018، وفقًا لتقرير السعادة العالمي. كيف تساعد “البنية التحتية للسعادة” في فنلندا على تحقيق السعادة؟

تصدر شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة تقرير السعادة العالمي في اليوم العالمي للسعادة الموافق 20 مارس من كل عام. تصدرت فنلندا مرة أخرى قائمة أسعد دول العالم في دورة عام 2025، وذلك للعام الثامن على التوالي.

كما حافظت دول الشمال الأوروبي الأخرى على مراكزها مقارنة بالعام السابق: حيث جاءت الدنمارك في المركز الثاني وأيسلندا في المركز الثالث والسويد في المركز الرابع والنرويج في المركز السابع.

تقارن القائمة الرئيسية للتقرير، “تصنيفات الدول حسب تقييمات مستوى الحياة”، بين إجابات سؤال من بين أكثر من 100 سؤال في استطلاع جالوب العالمي. والسؤال هو: كيف تُقيّم حياتك الخاصة على مقياس من صفر إلى عشرة (حيث يمثل الصفر أسوأ حياة ممكنة والعشرة أفضل حياة ممكنة)؟

تركز “تقييمات الحياة” هذه على قناعات الناس بشأن الحياة. ويستخدم التقرير متوسط السنوات الثلاث الأخيرة للوصول إلى قائمة الدول الأكثر سعادة.

إطار عمل لتحقيق السعادة

عدة راكبي دراجات على جسر في يوم مشمس، مع وجود مبانٍ في الخلفية.

يستمتع راكبو الدراجات بالطقس الرائع في تامبيري، فنلندا.
الصورة: جوكا سالمينينن/Visit Tampere

عندما يتمتع بلد ما بسجل حافل من السعادة، فإن الجميع يتساءلون عن كيفية تحقيقه لذلك. بالطبع ليست هناك إجابة واحدة.

ومع ذلك، عززت فنلندا ما يُسمى “البنية التحتية للسعادة”. لقد أنشأت الدولة وحافظت على الثقافة والمؤسسات الاجتماعية التي تشكل الأساس وإطار العمل للأفراد والمجتمعات لبناء سعادتهم.

فالدول يمكنها اتخاذ خطوات لتعزيز السعادة – وللمساعدة في تحقيقها. تُظهر الأبحاث أن الرضا عن الحياة يرتبط بمجتمع فعال يوفر الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والوصول إلى سوق العمل.

وقد أجرت ThisisFINLAND مقابلات مع أشخاص – فنلنديين وأجانب – حول كيفية تصورهم للسعادة في فنلندا. في مقال “مكاني المفضل في فنلندا،” أربعة مغتربين يروون كيف يُسهم العيش في فنلندا في نظرتهم إلى السعادة. وفي مقال “سألنا الناس في فنلندا حول الأشياء التي تجعلهم سعداء،” قدم المارة في هلسنكي مجموعة متنوعة من الإجابات. (يتضمن كلا المقالين مقاطع فيديو).

الاهتمام والمشاركة

مجموعة أشخاص يرتدون ملابس سباحة ويحملون مناشف في مكان بجانب الماء.

تُعد الساونا والسباحة طريقتين رائعتين للاسترخاء في العاصمة الفنلندية، وذلك وفقًا لما ذكره قسم Helsinki Happiness Hacks الذي أعده أصدقاء ThisisFINLAND في موقع Visit Finland.
 الصورة: سفانتي جوليشسن/Visit Finland

يتكون تقرير السعادة العالمي لعام 2025 من 260 صفحة. ماذا يتضمن أيضًا؟

يتعمق المؤلفون كل عام في الموضوعات المتعلقة بالسعادة بهدف تكوين تصوّر شامل للمسائل التي تؤثر على الناس. وينصب التركيز في عام 2025 على “تأثير الاهتمام والمشاركة على سعادة الناس.”

فكيف يقيسون أمرًا كهذا؟ إنهم يستعرضون إجابات الناس عن الأسئلة المتعلقة بإحسان الآخرين. فإذا فقدت محفظتك وعثر عليها أحد الغرباء أو أحد الجيران أو أحد رجال الشرطة، فهل تتوقع أن يُعيدها إليك؟ سجلت فنلندا درجات عالية في “مؤشر المحفظة”، مما يدل على ثقة المواطنين في بعضهم البعض.

ويذكر التقرير أن “جميع التجارب الدولية لإسقاط المحفظة أظهرت أن فنلندا ودول الشمال الأوروبي الأخرى من بين أفضل الأماكن التي يمكن أن تفقد فيها محفظتك.”

الأمور المتعلقة بالرفاهية

رجل وامرأة يرتديان قبعات شتوية وملابس رياضية ويحملان زلاجات ويركبان الترام.

عند قضاء فصل الشتاء في تامبيري، جرّب استقلال الترام إلى الغابة حيث يمكنك ممارسة التزلج الريفي على الثلج.
الصورة: لورا فانزو/Visit Tampere

هناك أيضًا بيانات عن عدد مرات تناول الطعام الجماعي. (تُشير الأبحاث إلى أن “تناول الطعام بمفردك ليس مفيدًا لصحتك”، وأن مشاركة الوجبات مع الآخرين يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالصحة في جميع أنحاء العالم). لا تزال مسألة الوجبات الأسرية تقليدًا راسخًا في فنلندا: حيث تتناول 81% من الأسر التي لديها أطفال الطعام معًا مرة واحدة على الأقل يوميًا.

كما يرتبط التبرع بالمال للجمعيات الخيرية والقيام بأعمال تطوعية ومساعدة الغرباء بسلوك الاهتمام. وعلى الرغم من عدم تصدر فنلندا لتلك الجداول، إلا أن مؤلفي التقرير يُشيرون إلى أن ثمة عوامل أخرى ذات صلة.

وهذا يعيدنا إلى البنية التحتية الفنلندية للسعادة. حيث يُشير التقرير إلى أن فنلندا “تتمتع بأنظمة صحية وتعليمية وكذلك أنظمة دعم اجتماعي عالية الجودة ومتاحة للجميع.” ونظرًا لأن “عدم المساواة في الرفاهية منخفض”، “فهناك بالمقابل حاجة أقل للأعمال الخيرية الخاصة.”

فنلندا وبنيتها التحتية للسعادة

  • تلعب الثقة دورًا حيويًا، وفي فنلندا، تتجاوز الثقة حدود العلاقات الشخصية لتشمل المؤسسات العامة ونظم الحوكمة وحتى الغرباء.
  • هناك نظم حوكمة رشيدة كما يتسم النظام السياسي بالشفافية والمساءلة والالتزام بسيادة القانون.
  • وجود إطار عمل مجتمعي يجمع بين الاستقرار وشبكات الأمان، يُمكن الأفراد من اتخاذ قراراتهم الحياتية دون خوف من الفشل.
  • إن الشعور القوي بالمسؤولية المشتركة يساهم في بناء مجتمع يتسم بالعدل والمساواة وهو أمر أساسي لتحقيق السعادة. فهناك أكثر من 90% يعتبرون أن دفع الضرائب واجب مدني مهم.
  •  المشاركة والحوار: المشاركة الفعالة والحوار المفتوح بين الشعب والسلطات يعززان الإدماج والتمكين. تعزز حرية التعبير الشفافية وترسخ الديمقراطية.
  • المساواة والعدالة الاجتماعية: إن التزام فنلندا بالمساواة، بما في ذلك المساواة بين الجنسين والحماية الكبيرة للأقليات، يعزز بيئة اجتماعية تتسم بالشمول الاجتماعي وتساهم في تحقيق السعادة بشكل عام.
  • التعليم والمعلومات: يضمن النظام التعليمي الفنلندي ذو المستوى العالمي المساواة في الحصول على تعليم عالي الجودة، مما يمكّن الأفراد من النجاح. كما تتيح حرية الصحافة القوية ومحو الأمية الإعلامية للمواطنين الاطلاع على المعلومات بصورة نقدية، مما يخلق مجتمعًا مستنيرًا ومتفاعلًا.
  •  التواصل مع الطبيعة يمثل جزءًا مهمًا من الحياة اليومية والرفاهية. إن استمتاع الفنلنديين بالطبيعة واختلاطهم بها يعزز الشعور بالهدوء والرضا ويقلل من التوتر.
  •  البساطة والساونا: إن الثقافة الفنلندية راسخة في تقدير البساطة والعملية وأهمية اللحظات القصيرة في الحياة. وفي صميم ذلك توجد الساونا، وهي مكان يسترخي فيه الفنلنديون وينفصلون عن الضغوط اليومية ويعيدون التواصل مع أنفسهم ومع الآخرين بأسلوبٍ هادف.
  •  يقوم المجتمع الفنلندي على دعم الحياة المتوازنة، مع منح الأولوية للرفاهية الشخصية إلى جانب الالتزامات المهنية. كما تتيح سياسات العمل والبنى الاجتماعية أسلوب حياة يتسم بالإنتاجية والإنجاز الشخصي.

بقلم فريق ThisisFINLAND، مارس 2025