“وماذا فعلتن أنتن لإنقاذ الكوكب يا أيتها الجدات؟”
كان هذا السؤال -أو الرغبة في عدم التعرض له- هو دافع 12 من الجدات إلى إنشاء مجموعة تُسمى الجدات الناشطات (اسمها Aktivistimummot بالفنلندية).
ولقد نما ما كان بدايته في عام 2009 اثني عشرة جدة فقط يجتمعن لتناول القهوة، ليصير مجتمعًا على فيسبوك يضم قرابة 6,000 شخص، وحركة عابرة للأجيال تحاول المساعدة في حل كبرى المشكلات الطارئة أمام البشرية: مشكلة التغير المناخي.
المعارف والشبكات
كانت سيجا كورونماكي صاحبة الفكرة الرئيسية، فبعد عامَين من عمر 60 عامًا، صارت جدة مؤخرًا، وكانت قد تقاعدت بعد مسيرة مهنية استمرت 40 عامًا كمسؤول تنفيذي للاتصالات.
تقول سيجا: “لقد أُصبت بالقلق بشأن المستقبل عندما صرت جدة، فأردت استخدام معرفتي وشبكاتي بما يفيد أحفادي. لقد حان الوقت أن يرد جيلنا الجميل”.
تمثل الجدات الاثنثا عشرة العديد من مجالات الخبرة المتعددة، منها العلوم البيئية والطب والمالية والهندسة، وهن يستخدمن موقعهن الإلكتروني ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي لمشاركة الحقائق المستندة إلى العلوم بشأن التغير المناخي وتقديم النصائح بشأن كيفية الحصول على حياة مستدامة، بالاعتماد على خبراتهن الواسعة.
توظف كل من كورونماكي وزميلتها المؤسسة إيفا-رييتا بيسبانين خلفيتما في الاتصالات لنشر بيان الجدات.
تقول بيسبانين، رائدة الأعمال في منتصف الستينيات من العمر والتي لديها سبعة أحفاد: “نحن نريد أن يحصل أحفادنا وجميع الأطفال في العالم على مكان مناسب للعيش فيه. ليست مهمتهم إصلاح أخطائنا – فعلى أجيالنا تحمل مسؤوليتها”.
سفيرات الأمل
بالرغم من أنه من المنطقي القلق بشأن الكوكب، إلا أن الإفراط في القلق من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية. وكعلاج للعناوين الرئيسية المنذرة بالهلاك، فإن الجدات يبعثن بتوجه مفاده “يمكننا تحقيق الأمر”.
تقول بيسبانين: “أرجوكم، نحن جدات، نحن نريد أن نكون سفيرات للأمل”. وكان أحد أهدافهن هو مساعدة الناس في إدراك أن الحياة الصديقة للبيئة ليست سهلة التحقيق فحسب، بل إنها حياة أفضل وأسعد كذلك.
تقول هيلينا كارياينين: “الاستهلاك المفرط ليس أمرًا باعثًا على السرور”. هيلينا أخصائية في الوراثيات لديها أربعة أحفاد، وهي في السبعينيات من عمرها. وتستكمل كلامها قائلة: “نحن نعلم من واقع الخبرة أن الحياة البسيطة المعتدلة تعود بالفائدة. علاوة على أن كل ما نفعله للحفاظ على المناخ يفيد صحتنا، كتناول قدر أقل من اللحوم والحد من قيادة السيارة”.
جيل طفرة المواليد يؤيد التنوع البيولوجي
استضافت الجدات قبل كوفيد-19 عدة فعاليات وعروض تتناول المشكلات البيئية. واستمررن بعد ذلك في ترتيب هذه الفعاليات في شكل جلسات عبر الإنترنت.
كما كان حشد الدعم جزءًا رئيسيًّا من نشاطهن، فقد كُنَّ في وقت كتابة هذه الكلمات يرسلن الخطابات إلى المرشحين في انتخابات البلدية التي على الأبواب.
تقول كارياينين: “بدأ السياسيون في إدراك أن جيل طفرة المواليد يُشكل شريحة كبيرة من المصوِّتين، وإننا نريد التأكيد لهم على أن حركة المناخ ليست خاصة بأطفال المدارس فحسب، حيث إن جريتا ثانبرج ليست الوحيدة المهتمة بالقضية”.
كثيرًا ما تتعاون الجدات مع نشطاء أصغر منهن بعشرات السنين، فقد شاركن في حملة لغرس 10,000 شجرة مع شبكة 4H الفنلندية، وفي حملة Best Enough Christmas (أفضل عيد ميلاد بسيط) مع Climate Move (حركة المناخ). يشير اسم حملة Best Enough Christmas إلى أنه ليس على المرء المبالغة – فقضاء عيد ميلاد “جيد بما يكفي” ببساطة يمكن أن يكون أفضل عيد ميلاد على الإطلاق. وضمت الحملة السيد كلاوس الذي شارك الحضور عدة نصائح لقضاء موسم احتفالي مستدام.
وقال ويلهيلم بلومبرج من حركة Climate Move، وهو رجل في الثلاثين من عمره ويخضع للتدريب ليكون معلمًا للاستدامة: “إنه شرف لي أن أتعاون مع الجدات، فبفضل خبراتهن ومواردهن الكبيرة، صرن من بين أفضل صناع الحملات في فنلندا. وإنهن يتمتعن بهذا المنهج الدافئ والنسوي الذي له صدى لدى الناس لما يقدمنه – وهو عنصر الجدات”.
تجديد الانطباع عن الجدات
لا يسع الجدات إخفاء سعادتهن لكيفية تحدي حركتهن القوالب النمطية للسن. تقول بيسبانين: سنُحدث الانطباع عن لفظ “الجدات”، فنحن ناشطات حكيمات، وعنصر الحكمة لدينا هو أحد الموارد القيمة في دفع عجلة إحداث التغيير البيئي؛ فالجدة ليست مجرد امرأة عجوز وهزيلة تحيك الجوارب على كرسي متأرجح”.
وكان أكثر تعليق دافئ تلقته من حفيدة في العاشرة من عمرها، والتي قالت عنها: “لقد أخبرتني أنه عندما تكبر، فإنها تريد أن تصير جدة ناشطة مثلي. وهذا يُشعرني بالفخر، بالرغم أنه [في ذلك الوقت] لا ينبغي أن تكون مكافحة الاحتباس الحراري مسؤوليتها”.
إذا تمكنت الجدات الناشطات وغيرهن الكثير من إحداث التأثير في الأمر، فسيتوصل الناس إلى الحلول لمشكلات المناخ بحلول الوقت الذي يشب فيه أبناؤنا.
إعداد سيلجا كودل، مارس عام 2021